الجمعة، 8 يونيو 2012

البجا في ظلال المعاني


بسم الله الرحمن الرحيم

البجا في ظلال المعاني

قلت لأحد أساتذة اللغة العربية من أبناء البجا أن لفظ ((اليم)) رمز بجاوي و نزل في سبعة مواقع من القرآن الكريم و بادرني صباح الغد بقوله ((كلامك دا عمل لي وجع رأس وأنا الليل كلو ما نمت.)) فقلت له ولو كنت أنت من بني قحطان لأصبحت ميتا وأحمد ربك الجليل الذي جعلك بجاويا فأحياك... والشئ بالشئ يذكر ولقد أوفدت وزارة  التعليم أحد أبناء البجا إلى اليمن ليدرسهم اللغة العربية وسأله يماني عن قبيلته فأجاب بجاوي وعن عمله فأخبره معلم يدرس اللغة العربية فقال له اليماني " سبحان الله أأنتم تدرسون بني قحطان اللغة العربية حسبي الله ونعم الوكيل"
هذا وكتب الأستاذ عصام الدين بصحيفة التيار الغراء 19/2/2010م بعنوان "تحت ظلال النخيل " فنقب الهيروغليفية وفك الطلاسم وأخرج منها شجرة النخيل ونشرها في مصر والسودان وقدم الحقائق بدقة عقلانية  ثم سها وعلا وهمز :-" ومن دارفور نتوجه إلى شرق السودان حيث توجد قبيلة البجا الذين يطلقون على تمر في لغتهم اللفظ العربي محرفا إلى تيمر.." أه.
لكن البجا بشر من صلصال جعل الله لهم لسانا ورزقهم الأصالة في المعاني والنحو والنطق ولهم نفس تميز وتتكلم  و الرحمن خلق الإنسان علمه البيان  وعلم آدم   الأسماء كلها وأريد أن أحكي للقارئ الكريم عن البجا في ظلال المعاني....
 يفهم الكتاب لغة قريش ويجهلون اللغات العربية الأخرى ويشاع كل ما غاير الفصحى تصحيف والصحيح أن الألفاظ تتطور عند قريش في الشوط الأخير وتخرج إلى ا لعالم الخارجي جواهر وبروجا تتجلى وتتحلى زينة للناظرين..
قبائل تميم وقيس وبني سعد وغيرها بشرق الجزيرة يميلون نحو الضمة وأما هذيل وكنانة وبني سليم وغيرها من القبائل الحجازية تتجه إلى الكسرة وقريش تلتزم بالفتحة..
وهكذا أن لفظ ( تيمر) لغة عربية هذلية وإذا سمع هذلي قرشيا ينطق التيمر تمرا يكاد يضع يديه على أذنيه وتشهد على ذلك قراءة ابن مسعود الهذلي للقرآن الكريم:-( ولا تيقربا هذه الشجرة0) والكلام يطول ونعود إلى الشرق والبجا وعصام الدين...
إنني هدندوي إحدى قبائل البجا ولم أسمع بتاتا بقبيلة اسمها قبيلة البجا والبجاوية لغة الأم الأولى ولم أنطق بتيمر قط..هناك شعب البجا أو قبائل البجا ويجب أن نسمي الأشياء بأسمائها وننسى رواية دائرة المعارف البريطانية المجمرة بمرارات كسر المربع والمخمرة بجزر رؤوس سراتها  سردا بالسراط السرندي حين تكذب وتقول :-" البجا قبيلة متوحشة غير إنسانية تسكن السودان بإفريقيا وأخلدها كبلنج بقصيدته فازي وازي." وتالله مافتئ الإنجليز يزعمون أن البجا تركوا آباءهم جزر السباع وكل نسر قشعم ويثقفون أجيالهم جيلا بعد جيل أن البجا قتلوا آباءهم  ويقول شاعرهم  :-
                         ويخرج من الغيب  كلمح البصر..
                         فيكسر المربع المنتصر..
                         فيلهو ببتر رؤوس البشر..
                         كأنه في نزهة في ضفاف النهر..
                           وتسقط أنواط الشجاعة كأوراق الشجر..
                         بين مقتول ومخلوع ينتظر..
                         ليس فينا جريح ولا مجتبر..
                         أسود وضخم بقية عصر الحجر..
                         فزي وزي جذور الغجر..
                         يثير فينا الضجر..
                        عيونه حمراء يتفجر منها  الشرر..
                         ويرمي الرفات للذئاب السعر..
                         كأننا جرابيع غرقى في البحر..
                         فزي وزي إلى سواء  السقر..
هذه إفرازات طبيعية تنضح من الهزائم يجترها الإنجليز وحدهم وليس سواهم...
كلا  بل  يجب أن  نرجع  إلى  معجم  وبستر الأمريكي  ونستأنس  به  إذ   يقول  :-" البجا شعب يعيش بين النيل والبحر الأحمر.."                                                          ربما يعتقد الأستاذ عصام الدين أن يعرب نطق باللفظ تمر براء من الألفاظ الدخيلة والمشتركة والمتطورة وهذا مفهوم يتهاوى في عواهنه ويجانب الصواب...
 حمل النخل اليابس  يسمى في اللغة البجاوية " تمر" فتح ففتح وقد أتيت إلى أغواره وتقصيت أطواره وقلبت أنواره وترجح عندي إنه لفظ  نطق  به  كوش  كفاحا وانضم إلى الألفاظ الدخيلة فتلقفته مجموعة  تميم  ونطقته " تمر"  ضم  فضم   ثم  علقته  مجموعة هذيل  ونطقته  " تيمر" وكان الساميون ينزلون في الزمان الأول محالا جوار الحاميين  بالرافدين  موطن دم العرب والعجم  ثم انتقل اللفظ  إلى قريش فطورته " تمر" فتح فسكون والعامة ينطقونه " تمر" فتح فضم وجمع ضروب التمر تمور وبائع التمر في الفصحى تمار بتشديد الميم وكذلك في البجاوية  والله أعلم...               
وأيا كان فالقبائل الشرقية بالجزيرة العربية تميل إلى الضمة والحجازية نحو الكسرة وتلتزم قريش الفتحة وهذه ظاهرة صوتية بيئية يحويها قانون تغليب لا جامع ولا مانع وأنه لا يعني أن قريش لا  تميل أبدا وفي رواية أن الرسول  أمال وسئل أتميل فأجاب إنها لغة أخوالي من بني سعد والرسول استرضع فيهم..
الميرفاب مثلا أبوهم " مرفأ" فتح فسكون ويعني الكنف الرفيع والكهف المنيع والموضع الحصين فيميلون نحو الكسرة المشوبة بالفتحة ويحذفون الهمزة للتخفيف ويستعيرون للإضافة المقطع البجاوي الألف الهوائية والباء الشفوية ويعيشون ميرفاب...
وأما الشايقيه أبوهم "شائق"أي الشخص المشارك الشريف فينتسبون بالياء المكسور ما قبلها ويبدلون الهمزة ألانفجارية بالياء اللينة لتخفيف جهد العضلات الصوتية ويضيفون هاء عند نهايات الأصوات لتسهيل حركة الذباذب غير إنهم يسمون ابناءهم باسبار (المغوار) وسمعريت ( أبناء سمير) ودبلوك ( صغير ون ) والتصغير للتعظيم.. وهذه بيوت عريقة في الشايقيه ويستعيرون الألفاظ البجاوية ثم إذا أليل الليل يقولون :-"الليل هواد " بتشديد الواو وهو لفظ بجاوي بنفس المعنى... والمرأة  الشايقيه  تقول " مارقة السوق أبيع الملاح "  وتعني   أشتري  - ( ومن معاني البيع الشراء – ) اللحم والخضار والبهارات والزيت والملح والبصل وتمزج مجازا معاني هذه الأشياء كلها في صيرورتها الملاح غاية في البلاغة والفصاحة وأعجب كيف كنا نجهل أن من معاني البيع الشراء ونتعلم من امرأة إنني أتحدث عن نفسي..
أما الجعليون يحققون الفتحة ويضافون بياء النسبة غير إن معظم قبائلهم تستعين بالمقطع البجاوي حتى أخوالي المكابراب وقد سادت فيهم البجاوية حينا ثم بادت أبدا وعندما رمى إسماعيل باشا المك نمر بالغليون كاد المك يكفه وثناه أخوه مساعد بقوله " باباكا " أي أطمئن ولا تتوتر وبقية القصة معروفة,,,,والجعليون يغيرون الهمزة الشديدة عينا بين الرخاوة والشدة والتاء طاء فينطقون أتبرا عطبرا  وأتبرا بالبجاوية تعني الرخاء والرفاء وأما الدامر حاضرة النهر تعني المنتجع في اللغة البجاوية وهذا يؤيد شرح معجم وبستر البجا شعب يعيش بين النيل والبحر الأحمر وكفى,,,
جاء البجا من الرافدين بالحضارة إلى إفريقيا قبل أربعة ألاف سنة وتشهد بذلك البجراوية ( وادي البجا ) والبركل ( ساحل النهر)  ومروي ( الشتاء المديد ) وأيضا فرعون ( الكبير ) ونفرتيتي ( جمال في جمال ) وكذلك دمياط ( العبير ) وسيناء     ( الأمل ) وإيلات ( الخير ) وكلها أسماء بجاوية خالصة ونرمي ذلك ألهن في البحر وكفى الله المؤمنين القتال .. وفي رواية أن طاليس فيلسوف بجاوي ( و طاليس في البجاوية تعني الفيلسوف ) خرج إلى مصر ثم استوطن في تركيا ثم أصبح أستاذا لأرسطو في اليونان وفي رواية لابن كثير إن البجا هم المكملون لثلة الآخرين هذا والبجا هم أول من أحيا نار القرآن في السودان إذا استثنينا الدناقلة ثم بعد ذلك كسروا المربع الإنجليزي مرتين وليس مرة واحدة والذي استعصى على الزولو وكينيا والهند وإنهم لا يطلقون أيا أخي عصام على تمر في لغتهم اللفظ العربي محرفا إلى تيمر قط..........     
                                                                        


محمود الخضر محمد
بورتسودان



          
   
       


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق